-
كيف تساهم مدينة "ذا لاين" في الرؤية الكبرى لنيوم؟ وما مدى أهميتها في نجاح المشروع؟ وما هي المشاريع الأولى من نوعها على مستوى العالم التي تعمل عليها مع فريقك؟
"ذا لاين" هي نفسها نيوم إلى حد ما، فهي مركز لجميع الأنشطة، والمسكن الأساسي للسكان، ومدينة عمودية ستكون فيها جميع الأنشطة، من دور الأوبرا والمكتبات إلى الملاعب والجامعات. كما سيعيش فيها ما يقارب 9 ملايين شخص عند اكتمالها، وهو ما يمثل معظم سكان نيوم.
ستكون "ذا لاين" أول مدينة عمودية تُصمَّم منذ البداية بنموذج متكامل للتنقل. لم يحاول أحد تنفيذ ذلك من قبل على الإطلاق، فنحن نبني مدينة كاملة على مساحة عرضها 200م فقط. وسيكون بإمكانك التنقل بسهولة بين المجموعات النموذجية [مجتمعات من 80,000 فرد] أفقياً سواء كنت ساكناً أو زائراً. وبالتالي، إذا كنت في المجموعة النموذجية رقم 40 وأردت الذهاب إلى مباراة كرة قدم في المجموعة النموذجية رقم 44، لن تضطر للنزول والعبور كي تصعد مرة أخرى. يمكنك الذهاب من أي ارتفاع إلى الملعب مباشرة.
كما ستكون "ذا لاين" أول مدينة في العالم تمدها الطاقة المتجددة بنسبة 100%، كما ستكون خالية من انبعاثات الكربون. لا يرتكز نموذجنا على تكديس كل شيء في تصميم عمودي، بل نعيد تصميم ما هو موجود فعلياً في العالم الأفقي التقليدي لتتناسب مع تضاريس عمودية متقاربة. الهدف هو التأكد من أن الناس على بُعد 5 دقائق فقط من كلِّ ما يريدونه في حياتهم، لأن كل شيء سيكون تحتك أو فوقك مباشرة.
-
كيف سيغير هذا التصميم من شكل العمل والحياة والاستدامة في هذا العالم المبتكر؟
تأخذ البنية التحتية في العادة النصيب الأكبر من تكاليف تأسيس وبناء أي مدينة. كيف يمكننا إذن تقليل هذه التكاليف الثابتة الهائلة؟ إنها تكاليف مركزية يتعين على أي حكومة دفعها، إذ يجب على الحكومة إنشاء الطرق وخطوط الأنابيب والكابلات والمطارات والجسور وأن تتصدى بطريقة ما للتلوث والزحف العمراني. وما سنحققه من خلال التصميم الحضري العمودي في مساحة 34 كم2 قد يحتاج إلى 1,600 كم2 في لندن على سبيل المثال. والجميع يتفق أن هذه الطريقة أكثر فعالية وكفاءة في إنجاز الأمور. كما أنك لن تحتاج إلى سيارة عندما تعيش في الطابق الثمانين لأنك ستصل إلى كل ما تريد بسهولة، ستختفي السيارات عندما تختفي أسباب الحاجة إليها.
أما فيما يتعلق بمعالجة الزحف العمراني، فإن أسلوب التصميم الحضري العمودي يعني إعادة الأرض إلى الطبيعة. كما ستُحسن الصحاري الطبيعية من خلال إعادة الحياة البرية، أي إعادة توطين الكائنات البرية الأصلية من الحيوانات والنباتات على حد سواء، وإعادة تأهيل الأرض. تدور الفكرة حول تحقيق كل ذلك بتأنٍّ وعناية، فلن تكون هناك طرق سريعة ذات 8 مسارات أو مواقف ضخمة للسيارات. سنخلق توازناً متكافئاً مثالياً بين الطبيعة والبشر، لكن على نطاق واسع لن تجده مثله أبداً في أي مكان آخر، ولا حتى في لندن أو نيويورك أو باريس أو سيول.
بالإضافة إلى ذلك، نريد توفير أسلوب معيشة منصف وعادل. تتمحور الفكرة الأساسية حول تسهيل وصول ومشاركة الجميع لوسائل ومرافق الراحة القريبة، بغض النظر عن طبيعة عملهم.
-
إن الجمع بين التصميم المعماري المتميز وجمال الطبيعة وتعزيز ثقافة المشي وتبنّي تقنيات الجيل القادم في مدينة "ذا لاين" مُغرٍ وجذاب بلا شك. لماذا لم يفعل أحد هذا من قبل؟
لم تكن هناك حاجة لذلك. إذا نظرت إلى مدن القرن العشرين، ستجد أن أغلبها مستوطنات تحولت إلى قرى، ثم بلدات ثم مدن، مع تطور طرأ عليها عبر مئات السنين. كانت هذه المدن تعتمد على حركة المركبات، وبالتالي أنشئت شبكات طرق ضخمة.
تهدف "ذا لاين" إلى تحقيق عدة أمور. وللتعامل مع النمو السكاني المُتوقع في المملكة العربية السعودية، لن تستوعب مدينتا جدة والرياض إلا عدداً محدوداً من الناس قبل أن تصل البنية التحتية إلى طاقتها القصوى. وبالتالي، سنحتاج إلى مدينة جديدة تماماً، تخلو من التلوث والازدحام وعدم الكفاءة والزحف العمراني وعدم المساواة التي تعاني منها المدن التقليدية.
إن العالم يزداد تمدناً بمعدل رهيب، مع تدفق واندفاع الناس إلى السكن في المدن العالمية الموجودة. وهذا يؤدي إلى زحف عمراني سريع ويبعد الناس أكثر فأكثر عن أماكن عملهم. يتبع ذلك إنفاق مزيد من المال على وسائل النقل وإضافة مزيد من الحافلات على الطرق مما يزيد من التلوث. هي دائرة لا نهاية لها. كما أن هناك بعض المدن في العالم تواجه خطر الفيضانات.
إذا كنا نستطيع معالجة كل هذه التحديات بحل واحد فقط، فلماذا إذن نبني شيئاً يبدو أنه موجود عند الآخرين؟ هذه هي الطريقة التي تتحمل بها المملكة مسؤوليتها وتكثف جهودها لحل جميع هذه المشاكل.
-
هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن الأصول البارزة المُخططة لكل وحدة، كالجامعات والملاعب ودور الأوبرا والمتنزهات المائية ومراكز المؤتمرات وغيرها؟
تشكل مدينة "ذا لاين" نموذجاً للنمو. لن نبني كل هذه الأصول مرة واحدة، بل سنطلقها تدريجياً في الفترة التي تمتد من الآن وحتى عام 2045م. لذلك لن نبني جميع الملاعب دفعة واحدة. سنبنيها لتلبي احتياجات عدد السكان الذي تخدمه تدريجياً.
في المخطط الرئيسي، الذي يضم امتداد مدينة "ذا لاين" بطول 170 كم ويحتضن 9 ملايين ساكن، حددنا بطريقة تناسبية عدد ملاعب كرة القدم ودور الأوبرا والمسارح وقاعات السينما وأقسام الشرطة والمدارس والمستشفيات وكل ما سنحتاج إليه مع تقدمنا في الجدول الزمني. كل شيء في البناء مرتبط بمصفوفة عدد السكان.
سنبني جامعة في المجموعة النموذجية الأولى لأننا نريد أن يكون تركيز مدينة "ذا لاين" عند افتتاحها على الابتكار والتعليم. كل شيء يمكنك أن تتخيله في أي مدينة في العالم سيكون موجوداً في مدينة "ذا لاين" في وقت ما، لكنه قد لا يتوفر في أول مجموعة نموذجية، بل عندما يصبح وجوده منطقيّاً من منظور عدد السكان. نريد مثلاً أن نبني متنزهاً مائياً على مستوى عالمي، لكن سنبنيه فقط عندما يحين الوقت المناسب.
-
كيف سيبدو مشهد التنقل من حيث المسافات القصيرة والمتوسطة والطويلة للسكان؟ وكيف ستعمل الطاقة المتجددة والمياه المستدامة في "ذا لاين"؟
سيكون نظام التنقل هرمياً، والجميل في ذلك هو أن كل شيء يسير في اتجاه واحد. في حالة المياه، ستتجه إلى أعلى ثم أفقيّاً ولن تنتشر في جميع الجهات مثل شبكة العنكبوت. وهذا ما سيفعله الناس أيضاً لأن كل شيء يسير في خط مستقيم تماماً، يمكنك تشغيل كل شيء بشكل متجاور وبأقصى كفاءة وسرعة ممكنة.
على سبيل المثال، ستربط شبكة "ذا سباين"، والتي تضم القطار الفائق السرعة، بين المطار الدولي وساحل خليج العقبة في 4 محطات. كما ستسمح شبكة المترو للسكان بالانتقال من مجموعة نموذجية إلى أخرى. كذلك ستتوفر ممرات نقل أفقية على 4 ارتفاعات مختلفة، وقد تكون هذه الممرات عبارة عن حجيرات متحركة أو قطار مصغر أو حتى مصاعد أفقية، لم نتخذ القرار بعد بشأن هذا الحل تحديداً.
إذا كنت في الطابق الخمسين وأردت الذهاب إلى الملعب على بعد 2 كم لمشاهدة مباراة كرة قدم بين نادي نيوم ونادي برشلونة على سبيل المثال، يمكنك ركوب إحدى أنظمة النقل المتعددة المتوفرة. سيكون نظام النقل فوقك بعشرة طوابق أو تحتك بعشرة طوابق بحيث يسهل عليك استخدامه. بينما إذا كنت في مبنى يتكون من 50 طابقاً في نيويورك وأردت ركوب القطار، فستحتاج في الواقع للنزول إلى الطابق الأرضي ومغادرة المبنى ثم البحث عن قطار. وبعدها ستسير في طريق ملتوٍ لأن أنظمة مترو الأنفاق لا تسير في خطوط مستقيمة. إننا نحاول تقليل الأوقات التي يهدرها الناس في التنقل. كلما استطعنا مساعدة الأفراد على تنظيم حياتهم وتوفير مزيد من الوقت، كان ذلك أفضل.
ستعمل المدينة على أساس انبعاثات صِفرية للكربون، وهذا يعني أننا سنستمد طاقتنا من موارد متجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الهيدروجين الأخضر والتقنيات الأخرى التي ستُطور خصيصاً لتحقيق ذلك. ليس هناك أي مدينة أخرى في العالم تفعل ذلك.
لنأخذ لندن كمثال مرة أخرى، تضيع 25% من المياه الداخلة إلى لندن من خلال تسريبات لا يمكنك رؤيتها. كل مدينة أخرى في العالم تعاني من الشيء نفسه. هناك أنابيب يصل عمرها إلى 200 عام. أما في نظام "ذا لاين" العمودي، سنتمكن من رصد أي تسريب بسرعة كبيرة لأن كل شيء مرئي بوضوح ويسهل الوصول إليه. سنبدأ ببنية تحتية جديدة تماماً. لن نحتاج إلى تجديد أي بنية تحتية قديمة، وبالتالي سنتمكن من قياس الطاقة والمياه في كل نقطة من النظام. ونخطط لاستخدام المياه المحلاة التي أُعيد تمعدنها (إضافة المعادن المفيدة فيها).
-
يتساءل الناس عن إمكانية بناء مدينة جديدة لتسعة ملايين شخص من الصفر في هذا الوقت القصير، إنه تحدٍ كبير، لا سيما أن هناك مدناً جديدة في العالم مثل سنغافورة استغرق بناؤها 50 عاماً. أليس كذلك؟
نخطط أن يصل عدد السكان في مدينة "ذا لاين" إلى مليون نسمة بحلول عام 2030م. وسنفعل ذلك ببناء عقارات كثيرة للغاية في فترة زمنية قصيرة. والذي يحسن ذكره هنا هو أننا لا نبني في الواقع "ذا لاين"، وإنما نتولى تجميعها من سلسلة من المجموعات النموذجية صُممت وخُصصت مسبقاً لتناسب وظائفها التي ستقدمها. لذلك سنوظف الذكاء الاصطناعي بشكل واسع في التصميم من خلال شبكة تجميع باستخدام تقنية التوائم الرقمية. على سبيل المثال، سيكون لدينا نظام واحد لأقفال الأبواب. لكن إذا احتجنا إلى 100 مليون من هذه الأقفال، من الأسهل علينا بناء مصنع وصنع القالب نفسه 100 مليون مرة.
سننشئ عملية بسيطة للغاية مع إنتاج مُحسن ومعياري وصناعي، وفيها تُصنع الأشياء في المصانع بكميات ضخمة داخل نيوم، حتى لا نضطر إلى نقلها بعيداً. سيكون الأمر أشبه بعدة عملاقة مخصصة للتجميع. والرائع بشأن الأجزاء المصممة مسبقاً هو أنك تستطيع ضبط الجودة والتحكم في الأبعاد، بحيث يمكن الوصل بين الأشياء.
-
ما مدى أهمية بيانات السكان لنجاح "ذا لاين" كمدينة إدراكية، وكيف ستوازنون بين الملاءمة وخصوصية البيانات؟
تتيح لك البيانات تخطيط السلوك وتوقعه مع مختلف أنماط البشر، وما يفعلونه وما يريدونه. إذا رأى النظام الإدراكي أن هناك عدداً كبيراً من الناس يريدون ركوب المصعد في الطابق الخمسين في الساعة 8:15 صباحاً يومياً للذهاب إلى الطابق الستين، ستتمكن من تسهيل حياة هؤلاء الأشخاص من خلال ضمان وجود مصعد ينتظرهم في ذلك الوقت، بدلاً من نظام محدد مسبقاً يتطلب منهم الضغط على زر وانتظار وصول المصعد إليهم من الطابق المئة.
إنه أسلوب يركز على الإنسان ويتمحور حوله، ويستخدم الآلات لمعالجة كميات هائلة من البيانات واكتشاف حلول مثالية. وهي حلقة مثمرة لأنك كلما زدت في تعليم النظام، زادت مجموعة البيانات ودقة الخوارزميات.
-
ما هو الإرث الذي تريد تركه للأجيال القادمة؟ وما هو الجدول الزمني لتحقيق مستهدفات "ذا لاين"؟
تتركز خبرتي وخلفيتي المعرفية في مجالَيْ الاستدامة والعقارات. وللأسف، فإن 40% من الانبعاثات الكربونية حول العالم الآن سببها قطاع العقارات، وقد أصبح قطاعاً يستهلك من الأرض أكثر مما يمنح. ولكن نيوم تتمتع بالرؤية لحل هذه المشكلة. نحن لسنا مجرد حالمين هنا، فهناك طريقة أفضل نريد أن نقود العالم في تطبيقها. لدينا الفرصة لإعادة التفكير في حلول لجميع التحديات المتعلقة ببناء المدن.
ستتمكن من السفر إلى المطار الدولي الجديد وركوب القطار فائق السرعة والذهاب إلى أي جزء من نيوم بحلول منتصف عام 2026م. وقبل ذلك الوقت، سيكون هناك انتعاش سياحي وستقطن أول مجموعة من السكان في مناطق أخرى في نيوم مثل تروجينا. إن الخطة المنشودة هي أن يصل عدد سكان "ذا لاين" إلى مليون نسمة بحلول عام 2030م، ثم حوالي 9 ملايين بحلول عام 2045م.
-
لماذا الجدران عاكسة؟ هل هذا لأسباب تتعلق باستغلال الطاقة الشمسية، أم للتوافق مع البيئة الطبيعية المحيطة أم لإبداع تصميم معماري مذهل أم لأسباب أخرى؟ وهل يمكنك أن تحدثنا عن المرسى المخفي؟
إن أهم شيء بالنسبة لنا هو أننا نشيّد بنياناً ضخماً للغاية في مكان عريق وبكر من العالم. إذا كان المبنى باللون الأسود، سيبرز. لكن مع الواجهة العاكسة، أينما نظرت سترى أراضي البيئة الطبيعية خلفك.
سيمتزج البناء وينسجم بشكل مثالي مع البيئة المحيطة، وستصبح "ذا لاين" جزءاً من البيئة المحيطة بها، وتتحد مع الطبيعة. هذا بالإضافة إلى مزايا أخرى بالطبع، منها دمج ألواح الطاقة الشمسية في الجدار الجنوبي، وما إلى ذلك.
إنها واحدة من أهم نقاط التشغيل والتنشيط في المشروع، وهي عبارة عن مرسى ضخم يسع جميع أنواع القوارب في قطاعَي الترفيه والاستجمام. لن تكون هناك أي سفن لشحن البضائع، بل فقط قوارب للرحلات البحرية. سيكون المرسى مركزاً للرحلات البحرية، مثل فورت لودرديل في فلوريدا أو الجبل الأسود (مونتينيغرو) في البحر الأبيض المتوسط.
البحر الأحمر منطقة رائعة لكل عشاق البحر والقوارب، يخلو من الأعاصير. وهو مكان مستقر وهادئ للغاية طقسه مذهل ومياهه نقية صافية. بالإضافة إلى ذلك، فنحن على أعتاب أوروبا من حيث القرب وسهولة الوصول.
-
كيف ستكسرون حدة الظلال المعتمة التي سيلقيها هذا البناء الضخم الذي يصل ارتفاعه إلى 500م؟ وما مدى سهولة الزراعة في الأماكن المظللة؟
ستخترق الإضاءة الطبيعية الواجهة العاكسة، وقد صُمم الوادي (داخل البناء) بشكل علمي لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من قوس الشمس المرتفع في الصيف والقوس المنخفض في الشتاء. أما بالنسبة للنباتات، فستُزرع النباتات التي تحتاج إلى الضوء في الأماكن ذات الإضاءة الجيدة. لكن لا تحتاج جميع النباتات إلى ضوء النهار الكامل. تفضل كثير من النباتات الظل أو الأماكن شبه المظللة. لذلك، ستُختار النباتات وفقاً لأماكنها ضمن الخطة.
-
هل يمكنك الحديث عن المطار الدولي في هذه المرحلة وكيف يتناسب مع مخطط "ذا لاين" مع مرور الوقت؟
سيكون المطار بوابة كبيرة للمملكة العربية السعودية وجزءاً مدمجاً في مدينة "ذا لاين". عادة ما يكون المطار التقليدي بعيداً عن الجميع وتمر فيه بعملية مملة تضطر فيها للمرور من صالة الجوازات وانتظار حقائبك ثم حملها إلى وجهتك. تخيل إذا كان بإمكانك التخليص مسبقاً وعبور جهاز مسح البيانات الحيوية بالإضافة إلى نقل حقائبك إلى وجهتك. نسعى لاستخدام أسلوب الذكاء الاصطناعي والاستفادة القصوى منه. والمطار هو أول تجربة لك في المكان، لذلك لا نريده أن يعكر صفو الأجواء الجميلة عند وصولك. يجب أن تكون تجربة العملاء مبهجة، وهذا ما نحاول إعادة تخيله وتحقيقه عن طريق استخدام منهجية شمولية.
-
كيف سيختلف أسلوب الأماكن العامة عن المدن الأخرى حول العالم؟ هل سيكون من العدل أن نقول إن "ذا لاين" ستوفر أفضل جودة للمعيشة على وجه الأرض؟
الفكرة في المساحات العامة عندنا هي أنها مفتوحة ويسهل الوصول إليها للغاية. إذا أردت الذهاب من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)، ستعبر من خلال المساحات العامة. وبالتالي، لا يمكن أن تكون ممرات ضيقة أو مظلمة. بل سيُدمج فيها مساحات خضراء ومتنزهات.
قد تمر المساحة العامة عبر إحدى الجامعات. وأثناء تجولك في الجامعة، ستجد جميع المختبرات ذات واجهات زجاجية. وسترى الطلاب يتعلمون، وترى الروبوتات تعمل. كما قد تمر بجوار مدرسة تعليم للطبخ وترى المطبخ المفتوح. لذلك فإن المساحات العامة ستمنحك الإحساس بالمجتمع من خلال سهولة الرؤية والشفافية. وقد نضع جدراناً زجاجية بجوار الطابعات الثلاثية الأبعاد التي تصنع الأشياء. ستصبح المساحات العامة أكثر من مجرد ممر من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)، وستصبح جزءاً من نسيج المدينة.
بالتأكيد، إن هدفنا أن نوفر أفضل معيشة على وجه الأرض. يتمتع الأشخاص على اختلافهم بقيم مختلفة فيما يتعلق بما يُسعدهم في حياتهم. في التصنيفات السنوية، عادة ما تحتل فيينا أو كوبنهاجن أو أديلايد أو فانكوفر الصدارة.
هناك مقاييس مختلفة ومتنوعة تُطبق في معادلة جودة المعيشة، مثل حجم الفصول في المدارس أو أوقات الانتظار القصيرة في المستشفيات. نريد أن نتفوق على هذه المدن، بل ونحاول أن نصبح أفضل من أفضل مدن العالم في المعيشة. عادة ما يتعلق أسلوب المعيشة بالصحة والرفاهية ووسائل التنقل والتلوث والمساحات الخضراء وإمكانية الوصول إلى نقاط معينة. هذه هي مكونات البناء الأساسية التي تعزز من معيشة أي مدينة.
-
هلا أخبرتنا عن جانب السكان من حيث الإحصائيات السكانية والجنسيات والوضع الاجتماعي الاقتصادي وما إلى ذلك؟
ستكون "ذا لاين" تجربة حية لقدرة الناس على الحياة بشكل جيد في المستقبل. ستلبي احتياجات كثيرة لكل من يؤمن بما نحققه في مجال الاستدامة وتقليل الأثر الكربوني والتلوث البيئي وحماية مناطق الطبيعة حول العالم. سيتميز المشروع بتقنيات قوية للغاية وتركيز على الطب الحيوي والتعليم، لذا إذا كنت تتطلع أن تكون ضمن منظومة معهد ماساتشوستس للتقنية أو وادي السيليكون أو ستانفورد على سبيل المثال، فبالتأكيد ستجذبك "ذا لاين" كمدينة جديدة واعدة.
ستتمتع "ذا لاين" بالأفضل من كل شيء في العالم، مما سيؤدي إلى بيئة خصبة لاحتضان ونشر الأفكار المبتكرة والملهمة. لا يضم وادي السيليكون 4 شركات فقط، بل فيه 40,000 شركة مترابطة ومجتمع يعيش هناك. لذلك سيبدأ الناس في رؤية "ذا لاين" كحلٍّ بديل مثالي. وهو حل خالٍ من وسائل نقل ورطوبة سنغافورة، ومن تلوث لندن، ومن طقس باريس الصعب، ومن ضرائب وادي السيليكون، وأنا أستخدم أمثلة من الواقع لتوضيح هذه النقطة.
-
تقع "ذا لاين" في منطقة معرضة للزلازل. ما التحديات التي يشكلها هذا الأمر؟
لقد عالجنا هذه المشكلة في وقت مبكر من خلال حلول الهندسة الذكية وأفضل الممارسات العالمية. نحن لسنا المدينة الوحيدة التي تقع في منطقة معرضة للزلازل في العالم. فعلى سبيل المثال، تحتوي سان فرانسيسكو على مبانٍ يتجاوز ارتفاعها 300م وهي في مكان معرض للزلازل. كذلك هناك مبانٍ في طوكيو يتجاوز ارتفاعها 500م. لذلك يُعد هذا التحدي واحداً من أسهل التحديات التي عالجناها.
-
ستزيد مدينة "ذا لاين" من فرصة لقاء الأصدقاء والعائلة. سيحب بعض الناس هذه المصادفات. لكن قد يفضل آخرون الهروب والابتعاد معارفهم، كيف ستراعون احتياجات هذه المجموعة الصغيرة من الناس في المجتمع؟
أظن أن الحل سيكون بالعيش في مجموعة نموذجية مختلفة أو جزء مختلف من "ذا لاين". فتأسيسنا لمدينة عمودية لا يعني خلوها من الأحياء والضواحي. لذلك يمكنك العيش إذا أردت على مسافة 100 كم عن عائلتك، وفي الوقت نفسه ستكون على مسافة 20 دقيقة فقط بالقطار.
بالطبع، لن تكون داخل المدينة طوال وقتك. ولكن ومثل أي مبنى آخر، يمكنك الذهاب إلى الطابق الأرضي والخروج إلى الشاطئ أو الصحراء أو الجبال. سيكون كل هذا على عتبة بابك.
-
بالنسبة للأرقام الرئيسية، لماذا حددتم الارتفاع عند 500م والعرض عند 200م؟ ولماذا يبلغ طول المدينة 170 كم؟
نحتاج إلى مدينة قادرة على استيعاب 9 ملايين نسمة حتى تحقق المملكة العربية السعودية هدفها السكاني لعام 2050م، وعلينا تحقيق ذلك بكفاءة، أي بأقل بصمة ممكنة على الأرض وأفضل مستوى معيشة للسكان.
لذلك فإن عرض 200م وارتفاع 500م وطول 170 كم هو أفضل الحلول الهندسية. لم يكن اختيار هذه الأرقام عشوائياً، بل جاءت بعد أبحاث طويلة ودراسات علمية واسعة، مع مراعاة عناصر مثل عمق الضوء والتهوية، وما إلى ذلك.
-
وبالنسبة لمناخ المنطقة، نجد أن مزايا استقرار درجات الحرارة على مدار العام واضحة. كيف يتعامل الوادي في منتصف "ذا لاين" مع الطقس المتطرف مثل حرارة الصيف ورياح الشتاء؟
درسنا مبادئ مناخ المنطقة وفهمناها جيداً، إذ يمكنك بناء غابة استوائية في موسكو داخل قبة زجاجية بسهولة على سبيل المثال. يتعلق الأمر بكيفية دخول الهواء والضوء إلى المكان، وقد صممت "ذا لاين" بشكل علمي ومدروس لتحقيق أقصى استفادة من تلك المعرفة.
فتقوس مسار الشمس يعني أن المساحات الخارجية لن تصلها الشمس طوال ساعات النهار العشر بسبب تأثير ألواح الهياكل الطويلة، وهذا يخفف من تراكم الحرارة. أما بالنسبة للرياح، فستحمي الألواح الطبقة الخارجية، مما يترك الوادي بدون أي مشاكل تتعلق بالرياح والغبار. وفي الوقت ذاته، ستكون قمة "ذا لاين" مفتوحة لتتيح للوادي التنفس. وعلاوة على ذلك، لن يكون لدينا تلوث مثل المدن الكبيرة الأخرى، لذلك ستتمتع بالمساحات الخارجية والهواء الطلق إلى أقصى حد ممكن.
-
تلقى العالم أخبار "ذا لاين" بشكل إيجابي للغاية، لكن لا تزال هناك نسبة صغيرة من الرافضين. ماذا ستقول لأولئك الذين لم يقتنعوا بعد؟
حتى في أفضل المدن وأكثرها ملاءمة للمعيشة، مثل فانكوفر وأديلايد وأوكلاند وكوبنهاجن وفيينا، هناك أشخاص يرون أنها ليست رائعة. لا يمكنك إسعاد الجميع طوال الوقت، لكن بالنسبة لنا ستكون النتيجة هي الإثبات والبرهان. علينا الآن أن نعمل على تنفيذ وتحقيق كل الأهداف وهذا ما نركز عليه.
لا شك لدينا أن "ذا لاين" ستروق لعدد كبير من الناس حول العالم، بداية من أصحاب العمل الحر المتنقل وحتى قطاعات التقنية والألعاب الإلكترونية البارزة هنا في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال. ستكون "ذا لاين" جذابة جداً للمهتمين بالتقنيات والأبحاث والتعليم والبيئة، فنحن نصمم من أجل الصالح العام.
-
تعد المملكة العربية السعودية الآن واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً حول العالم، بشبابها الواعد وقائدها الذي يحمل رؤية طموحة غير مسبوقة ويتطلع إلى وضع نيوم في طليعة النمو. إلى أي مدى ترى أن من الممتع والمثير أن تكون جزءاً من هذا المستقبل الجديد؟
من المثير للغاية أن نبدأ من الصفر. لقد عملت في هذا القطاع لفترة طويلة للغاية في العقارات والتقنيات الذكية والاستدامة، لكننا هنا نبتكر شيئاً لم يحدث من قبل على الإطلاق. من حسن حظنا أن لدينا قائداً وصاحب رؤية أتاح لنا العمل على هذا المشروع الرائد.
قد تواجه في أي مكان آخر من العالم قيوداً سياسية أو مالية أو تقنية. لكننا هنا نخلق مستقبلاً جديداً وسننجح بمساعدة عقليات مبتكرة رائدة لا يحد أفكارها إلا السماء.
-
هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن ملفك الشخصي ومهنتك وسبب انضمامك إلى نيوم؟
تمتد خبرتي في مجال البناء وإدارة وتطوير المشاريع. عملت كمورد في بعض الأحيان وكنت عميلاً في أوقات أخرى، لذا أعرف الجانبين حق المعرفة. بدأت العمل في هذا القطاع منذ 20 عاماً في بلدي الأم أستراليا، وعاصرت عقدين من التطور فيها مع العقارات الخضراء والمشاريع ذات الانبعاثات الكربونية الصِفرية.
أود شخصياً أن يكون لي أثر في تقليل التلوث حول العالم، لذلك هذا أكثر ما يحفزني. توفر نيوم لي الفرصة لتحقيق هذا الهدف، فالأمر يتعلق باستخدام أسلوب شامل ووقائي.
تحتاج فقط للتفكير في الأمور بشكل مختلف وطرح أسئلة مثل "لماذا نحتاج إلى مصاعد تذهب إلى أعلى وأسفل، بدلاً من أن تتحرك أفقيّاً؟"، و"هل كنا مخطئين في ذلك خلال 100 عام مضت؟"، و"لماذا نحتاج إلى مغادرة المبنى لممارسة الرياضة، بدلاً من وجود ملعب أو منشأة داخل المبنى؟".
إن فكرة عدم وجود سيارات أو وسائل تنقل تقليدية أو ازدحام أو تلوث، وفكرة الاقتصاد الدائري مع انعدام أو قلة النفايات في مدينة إدراكية ذات خلفية من الطبيعة المزدهرة... جذابة للجميع.
ما أجده ملهماً في نيوم هو وجود مجموعة من أفضل العقول في العالم وأكثرها نبوغاً، يعملون معاً في مكان واحد ووقت واحد على أجزاء مختلفة من المشروع. أجد متعتي حقاً بين هذه المجموعة خاصةً مع أجواء المودة الخالصة التي تجمع بين أفرادها. إننا نبذل قصارى جهدنا ونعمل بجد، لكننا نستمتع أيضاً في ظل وسائل الرعاية والراحة التي توفرها لنا نيوم.